Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
5 juin 2011 7 05 /06 /juin /2011 17:39

مقدمة:

تشكل الضرائب والرسوم التي في حكمها أهم مورد مالي لميزانية الدولة والجماعات المحلية، وتساهم بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية وأيضا إنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وضمان السير العادي لدواليب الدولة، وتفرض تلك الضرائب على الخاضعين لها مقابل ما توفره لهم الدولة، ونظرا لأهميتها تلك، وطابعها الإلزامي فقد عهد المشرع الجبائي للسلطة العامة ممثلة في إدارة الضرائب والخزينة أمر فرضها وتحصيلها وتزويدها من السلطات بما يكفي لأداء وظيفتها، وبالمقابل أرسى ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الإدارة ضد حقوقهم المالية[1].

وحتى يمكن للضريبة أن تؤدي الدور المنوط بها فلا بد أن يشعر كل ملزم وهو يساهم في الأعباء العامة، لأن هناك عدالة ضريبة حقيقية من خلال الأنظمة والقوانين المنظمة لكل ضريبة ورغم الصعوبة في تحديد كنه العدالة الضريبية وإيجاد تعريف دقيق لها، فيمكن القول مع ذلك بأنها نتيجة حتمية للضمانات التي يمنحها القانون الضريبي للملزم، بحيث أن الضريبة إذا كانت تشكل عبئا ماليا على المكلف بها، فهي في المقابل ينبغي لأن تحقق له قدرا من الضمانات تكون حافزا له على أدائها بكل الاطمئنان بدون أدنى تمنع أو تهرب من أدائها[2]

والمشرع المغربي لم يقدم على تعريف الملزم الضريبي من خلال النصوص الصادرة، بل اكتفى في جميع مكونات الضرائب بتعريف الدخل والوعاء الخاضعة له، وبناء عليه يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الملزمين وذلك إما حسب الطبيعة القانونية (الشخص الطبيعي، والشخص المعنوي) وإما حسب الموطن (مقيم بالمغرب ، أو أجنبي) وإما حسب الوضع السوسيو اقتصادي (شريحة في موقف قوة، أو شريحة في موقف ضعف).

غير أنه يمكن  تعريف الملزم بدافع الضريبة أو الشخص الطبيعي أو المعنوي [3] الذي يقع عليه واجب دفع الضريبة نتيجة قيامه بنشاط أو حصوله على دخل أو أرباح أو الفوائد التي يحصل عليها من رؤوس أمواله.

ونظرا لكون المشرع الضريبي قد حدد مجموعة من الضمانات بهدف حماية الملزم فإنه في المقابل قد حمله مجموعة من الالتزامات والواجبات على اعتبار أن الضريبة حق للدولة والتي من شأنها أن تساهم في تغذية ميزانيتها كما أنها تضع حدا لممارسة ما يعرف بالتهرب الضريبي من طرف الملزمين واستفحال الجرائم الضريبية.

فما هي التزامات الملزم الضريبي تجاه الإدارة الضريبية؟ وماهي الحقوق والضمانات المخولة له؟

هذا ما سنتناوله في هذا العرض من خلال التقسيم التالي:

المبحث الأول: التزامات الملزم الضريبي

المبحث الثاني: ضمانات الملزم الضريبي

 

 

 

 

 

 

 

    

 

 

المبحث الأول: التزامات الملزم الضريبي

لعل الحديث عن الالتزام الضريبي يوحي بواجب دفع الضريبة بمعنى أن الالتزام يكون دائما مرتبط بالواقعة المنشئة للضريبة، لكن الواقع العملي يؤكد بأن هناك التزامات إدارية (مطلب أول) والتزامات تكميلية تتعلق بمسك محاسبة منتظمة مرتبطة بالوضعية الضريبية للملزم والتزامات ذات طابع مالي (مطلب ثاني)

المطلب الأول: الالتزامات الإدارية

في الأنظمة الضريبية الحديثة أصبح مبدأ تقديم الإقرار أو التصريح من طرف الملزم قاعدة عامة رغم استمرار بعض مظاهر التضريب بناء على المظاهر الخارجية أو أنظمة التقدير الجزافي والتي وإن كانت تعتمد على تقديرات تلقائية من طرف الإدارة فهي تفرض على الملزم أن يضع إقراره وإلا تعرض لغرامة، كما يختلف عن الإجراءات الأخرى كالتصريح باختيار نظام ضريبي معين أو المراسلات التي تتم بين الملزم والإدارة بقبول التصحيح أو التعديل في إطار مساطر المراقبة والمنازعات.

الفقرة الأولى: التصريحات لحساب الملزم 

يقصد بهذه التصريحات مجموعة من الأعمال الإدارية التي يقوم بها الملزم لدى المصالح الإدارية المكلفة بالضريبة من شأنها أن تعرف بأنشطة الملزم المدرة للدخل أولا وعن قيمة الدخول التي يحصل عليها ثانيا.

أولا: التصريح بالتأسيس

لا بد عند البدء في مزاولة الأنشطة المدرة للدخل والتي يعتبرها التشريع الضريبي خاضعة للضريبة أن يلجأ الملزم إلى الإدارة الضريبية قصد التصريح بهذا التأسيس بل وفي أغلب الأحيان قبل أن يشرع في مزاولة هذا النشاط بحيث أن التصريح لدى إدارة الضرائب يعتبر ضروريا للحصول على شهادة التسجيل بجدول الضريبة والتي تعد وظيفة أساسية للتسجيل بالسجل التجاري والحصول على الرخص اللازمة وفتح الحساب البنكي وما إلى ذلك من الإجراءات بحيث يعتبر التصريح بالتأسيس لدى إدارة الضرائب كمنطلق وكإجراء ضروري لولادة المقاولة كيفما كان نوعها. ولقد تضمنت المدونة العديد من المواد التي تلزم بالتصريح عند بداية كل نشاط خاضع للضريبة[4] كما يجب على الملزم أن يضمن تصريحه هذا جميع المعلومات المتعلقة بالمنشأة والمساهمين والمسيرين ونوع النظام الذي اختاره للخضوع للضريبة والتصريح عند تحويله لمقر المنشأة أو اندماجها أو عند توقفها عن الإنتاج[5]

ثانيا: التصريح بالدخول المحصل عليها

تعمل مختلف الأنظمة الضريبية الحديثة على بناء نوع من العلاقة بين الملزم والإدارة الضريبية قوامها الثقة المتبادلة وإعطاء الملزم، فرصة التصريح بدخوله ولا تلجأ الإدارة إلى الفرض التلقائي للضريبة إلا عندما يتخلف الملزم عن القيام بهذا الواجب أو كانت هذه التصريحات ناقصة أو غير صحيحة، وذلك بغية تقوية الشعور بالمواطنة الضريبية وتخفيف العبء على الإدارة على اعتبار أن الملزم هو العارف الأكبر بحقيقة دخله.

الفقرة الثانية: التصريح لحساب الغير

إن اتجاه الإدارة الضريبية في السنين الأخيرة إلى استخدام الملزمين كمساعدين لها على مستوى الأعباء التصريحية وعلى مستوى الالتزامات المالية قد أصبح شائعا لا بالنسبة للضرائب الرئيسية التي تعرف نوعا من الاستمرارية والديمومة، ولكن أيضا بالنسبة للضرائب النوعية التي تتسم بنوع من الظرفية.

حيث يجب على كل منشأة تزاول نشاطا في المغرب بما في ذلك الشركات غير المقيمة التي اختارت الضريبة الجزافية عندما تمنح لأشخاص خاضعين للرسم المهني أو للضريبة على الشركات أو للضريبة العامة على الدخل أتعابا أو عمولات أو أجور سمسرة أو مكافأة أخرى من نفس النوع أو تخفيضات أو إرجاعات منحت بعد تحرير الفاتورات أن تدلي بإقرار يتعلق بالمبالغ المدرجة في المحاسبة خلال السنة المحاسبية السابقة فيما يخص المكافأت الآنفة الذكر[6] وهو نفس الشيء بالنسبة للمصحات والمؤسسات المعتبرة في حكمها والخاصة بالأطباء الخاضعون للرسم المهني وكذا الأطباء غير الخاضعين للرسم المهني بشأن الآتعاب والمكافآت المدفوعة[7]

المطلب الثاني: الالتزامات التكميلية والمالية

الفقرة الأولى: الالتزامات التكميلية

تجد هذه الالتزامات مصدرها في مجموعة من القوانين كالمدونة العامة للضرائب ومدونة التجارة، والقانون رقم 88-19 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجبة على التجار مسكها.

وسنعمل في هذه الفقرة على توضيح مضمون الوثائق المحاسبية في نقطة أولى على أن نبين أهمية إمساك محاسبية منتظمة في نقطة ثانية

أولا: مضمون الوثائق المحاسبية

لإعطاء صورة واضحة عن نشاط الملزم بالضريبة ينبغي مسك مجموعة من الوثائق المحاسبية وهي الدفاتر المحاسبية والقوائم التركيبية السنوية والمعلومات التكميلية:

I- الدفاتر المحاسبية وتتشكل من :

1)                             دفتر اليومية وتتضمن جميع العمليات اليومية التي تقوم بها الشركة ويتضمن بيان حساب الدائنين وحساب المدينين

2)                             دفتر الأستاذ الكبير: وهو الذي تنقل إليه القيود اليومية وتسجل فيه وفق قائمة حسابات التاجر

3)                             دفتر الجرد: وتقيد فيه موازنة كل دورة محاسبية وحساب عائدتها وتكاليفها

II- القوائم التركيبية السنوية وتتكون من:

1)              الموازنة: وتعتبر بمثابة صورة صادقة لذمة المقاولة وتبين بصورة مفصلة عناصر وموارد المنشأة التي تأتي على الجانب الأكبر من  الجدول والخصوم التي تشكل الجانب الأيمن من الجدول كما يجب أن تظهر جداول التمويل الدائم والتي تبرز التطور المالي للمنشأة خلال الدورة المحاسبية بصورة منفصلة من الخصوم.

2)              حساب العائدات والتكاليف: ويتضمن بصورة إجمالية عائدات وتكاليف الدورة المحاسبية دون مراعاة تاريخ تحصيل العائدات أو تاريخ دفع التكاليف[8]  

3)              المعلومات التكميلية وهي التي تكمل وتشرح المعلومات الواردة في الموازنة وحسابات العائدات والتكاليف وقائمة أرصدة الإدارة وجدول التحويل كما تصف وتبرر حدوث التغيرات التي قد تصيب شكل تقديم القوائم التركيبية وطريقة التقويم المتبعة خلال دورة محاسبة، وكل ذلك احتراما لمبدأ الصورة الصادقة الذي يجب أن تتحلى به قواعد المحاسبة

ثانيا: أهمية إمساك محاسبة منظمة

إن الواجبات المحاسبية للملزمين تعتبر ذات فائدة قصوى حيث تعبر عن مستوى التسيير الاقتصادي الحديث، الذي يفترض حسابات منتظمة، وتجنب العشوائية وعدم الإنتاج في النشاط الاقتصادي، كما يدفع المقاولات إلى إدراك وضعيتها وبالتالي الاحتراس من الوقوع في مخاطر الصعوبات التي يمكن أن تعرفها آية مقاولة وبهذا فإن المحاسبة أداة لتحديث الجهاز الانتاجي[9]

ورغم أن مسك محاسبة منتظمة لا تعني في جميع الحالات أنها صادقة على مستوى النتيجة الجبائية ورقم الأعمال المصرح به بحيث أن الإدارة الضريبية تحتفظ بحقها في إمكانية استبعادها وإعادة تقدير رقم الأعمال والنتيجة المصرح بها، فإن الإدارة لا تعترف بقدسية المحاسبة كما يدافع عليها خبراء المحاسبة والفئات السوسيو مهنية الممثلة للملزمين وكذلك بعض أعضاء اللجنة الوطنية للطعون الضريبية، بل تحاول في إطار ممارسة مسطرة الفحص والبحث  عن الاختلالات التي تشوب المحاسبة أو استغلال بعض معطيات المحاسبة نفسها لإثبات عدم صحة النتائج المصرح بها، وهذه إشكالية من إشكاليات المنازعات الضريبية[10]

الفقرة الثانية: الالتزامات المالية - الالتزام بدفع الضريبة -

تنطلق الالتزامات الضريبية بالتصريح مرورا بمسك المحاسبة وتنتهي بأداء مبلغ الضريبة أو الدين الضريبي الذي أصبح في عصرنا هذا محمولا لا مطلوبا، لذلك يتحتم علينا استعراض الالتزامات المالية المفروضة على الملزمين لحسابهم الخاص (أولا) ولحساب الغير (ثانيا)

أولا: الالتزامات المالية لحساب الملزم

إن الالتزام بدفع الضريبة قد يقوم به الملزم بصورة عفوية أو بصورة دورية أو بناء على قوائم ولوائح تصدرها الإدارة الضريبية، فبخصوص الوسيلة الأولى يقوم الخاضع للضريبة على القيمة المضافة بدفع الضريبة الواجبة في نفس الوقت الذي يضع فيه تصريحاته، وقبل انصرام الشهر المالي بالنسبة للتصريحات الشهرية أو الشهر الأول من كل ربع سنة.

أما الوسيلة الثانية فلا يكون الأداء عفويا وإنما يكون بعد تلقي الملزم بجداول بشأن استيفائها وذلك في حالة عدم دفعها في آجالها أو عند تصحيح مبلغ الأساس الضريبي بناءا على نتائج الفحص الضريبي.

وفي ما يتعلق بالضريبة على الشركات فإن المشرع ألزم الخاضعين لها بأداء مساهمة دنيا[11] ودفعات تموينية مقدمة على الحساب تساوي كل دفعة 25% من مبلغ الضريبة المستحقة عن آخر سنة وتؤدى هذه الدفعات تلقائيا لدى محصل الضرائب التابع له المقر الاجتماعي للشركة وذلك قبل انقضاء الشهر الثالث والسادس والتاسع والثاني عشر من تاريخ افتتاح السنة المحاسبية الجارية بواسطة إعلام الدفع مطابق لنموذج تسلمه الإدارة.

ومما ينبغي الإشارة إليه في هذا الصدد أن الأشخاص الطبيعيين والمقاولات الفردية وشركات الأشخاص التي لم تختر الخضوع للضريبة على الشركات ضلوا بمنأى عن دفع تسبيق على  الضريبة المستحقة باستثناء الأجراء الذين يخضعون للحجز في المنبع شهريا وإنما يدفعون الضريبة بناءا على الدخول المحصل عليها خلال كل سنة محاسبية إما بناء على جدول ذي الشرائح التصاعدية أو بناءا على أسعار خاصة[12]

ثانيا: الالتزامات المالية لحساب الغير

خصصت المدونة العامة للضرائب مجموعة من المواد (156-160) المتعلقة بالالتزام لحجز الضريبة من المنبع والتي يقع عبؤها على أرباح العمل أو المدينين، كما فرضت على المصحات والمؤسسات المعتبرة في حكمها أن تنجز لحساب الخزينة وحجز نسبة  من الأتعاب والمكافآت التي تدفعها للأطباء غير الخاضعين للضريبة المهنية عن أعمال طبية أو جراحية يقومون بها داخل هذه المصحات والمؤسسات[13]

كما تلتزم مؤسسات الائتمان العامة والخاصة والشركات والمنشآت بحجز نسب من عوائد الأسهم وحصص المشاركة والدخول المعتبرة في حكمها لفائدة الخزينة العامة.

هذا فيما يخص التزامات الملزم فماذا عن الضمانات التي يتمتع بها الملزم الضريبي في التشريع الضريبي المغربي.

المبحث الثاني: ضمانات الملزم الضريبي

خول المشرع الضريبي للملزم مجموعة من الضمانات سواء منها القانونية والدستورية والمتعلقة بالمساطر الجبائية – المطلب الأول - وكذلك أمام الإدارة الجبائية – المطلب الثاني -  

المطلب الأول: الضمانات العامة للملزم الضريبي

ميزة هذه الضمانات التي يجب أن يتمتع بها الملزم هي أنها تجد مصدرها وأساسها في عدة مواثيق وقوانين عليا كالدساتير والمواثيق الدولية. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 تضمن عدة مبادئ منها المساواة في الفرض الضريبي.

ومن أهم الضمانات العامة التي كرستها القوانين والمواثيق الدولية نجد ضمانات ذات طابع دستوري وقانوني وأخرى مرتبطة بالمساطر الجبائية.

الفقرة الأولى: الضمانات القانونية والدستورية

وهي تنقسم إلى ضمانات دستورية كفلها الدستور المغربي للملزمين وضمانات قانونية نص عليها القانون الضريبي.

أولا: الضمانات الدستورية

يمكن التمييز بين مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة ومبدأ مراعاة المقدرة التكليفية له.

1- المساواة أمام الأعباء العامة

إن مضمون هذا المبدأ يختلف بحسب النظريات المتحكمة في الفرض الضريبي، فهو يرتبط عند النظرية التقليدية بمعيار حسابي يقتضي ضرورة إخضاع جميع الملزمين لسعر ضريبي موحد تطبيقا لمبدأ المساواة أمام القانون، في حين أن النظريات الحديثة تجاوزت هذا المعيار وربطته بضرورة المساواة أمام الضريبة أو ما يسمى بالضريبة التصاعدية[14] التي تأخذ بعين الاعتبار اختلاف دخول الملزمين.

إن نظام الضريبة التصاعدية وإن كان يبدو ظاهريا أنه منافي لمبدأ المساواة أمام القانون عامة والتشريع الضريبي بالخصوص، إلا أن مبدأ المساواة أمام القانون الضريبي ليس بقاعدة مطلقة، ذلك أن هذا المبدأ لا يتنافى ووجود أنظمة ضريبية متعددة انسجاما مع وجود ملزمين ذو وضعيات مختلفة[15].

وتبعا لذلك وكما جاء في أحد قرارات المجلس الدستوري الفرنسي، فإنه لا يمكن تطبيق المساواة حين يعالج المشرع وضعيات مختلفة، بل ذهب المجلس الدستوري الفرنسي أبعد من ذلك عندما أقر بأن المصلحة العامة، قد تكون مبررا لإيجاد أنظمة ضريبية مختلفة، بشرط أن توجد علاقة منطقية بين النظام الضريبي من جهة والمصلحة العامة المتوخاة من جهة ثانية. ثم اشترط كذلك ضرورة بيان هذه المصلحة وأن تكون قائمة على أساس دستوري[16].

2- مراعاة قدرة الملزم على الدفع

لقد جاء هذا المبدأ من أجل الحد من استفحال الظلم الجبائي وتحقيق العدالة الضريبية بين جميع أفراد الشعب.

وقد حظي هذا المبدأ بالتأطير الدستوري من خلال الفصل 17 من الدستور المغربي الذي ينص: "على الجميع أن يتحمل التكاليف العمومية للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور" ومن ثمة  فعلى المشرع الضريبي أن يضع في حسبانه الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والشخصية لكل ملزم على حدة. وتبعا لذلك فقد اعتبر المجلس الدستوري الفرنسي أن سن أي نص ضريبي بعيدا عن المعطيات المتعلقة بمداخيل الملزم أو الأشخاص المتكفل بهم يعد غير دستوري[17]

وعلى العموم يمكن القول أن التأطير الدستوري لهذه المبادئ باعتباره أسمى قانون في أي بلد معين، يعد من الأمور الحميدة، ويعتبر مكسبا مهما لصالح الملزم المغربي، إلا أن تكريس هذه الضمانة على شكل مبادئ ونصوص دستورية لا يكفي ويبقى عديم الجدوى إذا لم يكتمل ذلك بمتابعة تطبيق هذه المبادئ و النصوص على مستوى التشريع القانوني لكي يتم التحقق من مدى سلامة عملية التأطير الدستوري[18]

وإذا كنا قد أشرنا إلى أهم الضمانات العامة التي يجب أن يتمتع بها الملزم، فإن هناك ضمانات أخرى تتفرع عنها:

  • ضمان الحد الأدنى اللازم للمعيشة، الذي  يجد أساسه في الاعتبارات الإنسانية والإدارية والاقتصادية.
  • ضمان الحرية الفردية واحترام الحياة الخاصة للممول، وما يقتضيه ذلك من ضرورة الالتزام بكتمان السر المهني على اعتبار أن الملزم عندما قدم كل الوثائق التي تتضمن معلومات حول شؤونه الخاصة للإدارة الضريبية، إنما استند في فعل ذلك على الثقة التي يجب أن تسود بين الطرفين وما تقتضيه من ضرورة أن تتولى إدارة الضرائب معالجة هذه المعلومات في إطار من السرية التامة وعدم استخدامها في أي غرض آخر سوى الغرض المحدد الذي بسببه تمكنت من الحصول على هذه المعلومات.

ثانيا: الضمانات القانونية

وهي تتمثل في التفسير الضيق للقانون الضريبي وعدم رجعية القانون الضريبي.

1-   التفسير الضيق للقانون الضريبي

إن خطورة القانون الضريبي، وارتباطه بالحقوق المالية للأفراد، يقتضي عدم التوسع في تفسير نصوصه أو القياس عليه باعتبار أن القياس يعني تفسير النصوص الضريبية تفسيرا واسعا[19]، والتشبث بتفسيره تفسيرا ضيقا إعمالا لمبدأ الشرعية الضريبية الذي يقضي بأنه لا ضريبة ولا إعفاء إلا بنص[20].

فلئن كان تفسير القوانين العادية يتم عن طريق إتباع كل الطرق الممكنة التي توصل إلى الكشف عن الإرادة الحقيقية للمشرع، من طرق تفسير داخلية: كالاستنتاج بالقياس والاستنتاج من باب أولى، والاستنتاج بمفهوم المخالفة وطرق التفسير الخارجية: كبيان حكمة القانون وغايته والاطلاع على المذكرات التوضيحية والأعمال التحضيرية، فإنه لا يتعلق بالقانون الضريبي التي يجب أن يكون تطبيقها تطبيقا حرفيا وتفسيرا ضيقا[21].

وهكذا فحينما يلتبس أو يطرأ غموض في النص القانوني من حيث صياغته التعبيرية أو التشريعية فإن هذا المبدأ يفرض ضرورة القيام بتأويل النص الضريبي في الاتجاه الذي يكون الأصلح والأكثر فائدة للملزم باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة الضريبية وهكذا إذن وفي الحالة التي يكون فيها الملزم في مواجهة الإدارة الضريبية ومن أجل ضمان عدالة أكثر ينبغي تفسير الضريبة تفسيرا ضيقا[22]

إن مرد هذه الضمانة يجب تفسيره في تحقيق التوازن بين الإدارة التي تسعي أكثر قدرة ممكنة و الملزمين بالضريبة.

2-   عدم رجعية القانون الضريبي

مبدأ عدم رجعية القانون الضريبي من المبادئ الدستورية التي كفلها المشرع لحماية الأفراد والجماعات بحيث أنه لا يكون لأي مقتضى قانوني جديد دخل حيز التطبيق أي أثر على التصرف والأفعال التي ارتكبت من قبل وذلك تطبيقا للفصل 4 من الدستور المغربي الذي جاء فيه: القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة ويجب على الجميع الامتثال له وليس للقانون أثر رجعي.

إلا أن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات في ميدان القانون الضريبي نظرا لخصوصية هذا القانون من جهة ولعلاقته بقوانين المالية من جهة أخرى.

وهكذا فعندما يقوم قانون المالية بتغيير بعض الأسعار الضريبية فإنها تطبق بأثر رجعي شأنها في ذلك شأن القوانين التفسيرية.

الفقرة الثانية: ضمان حق اللجوء إلى القضاء واسترداد ما فع بغير حق.

أولا: ضمان استرداد ما دفع بغير حق

إذ من البديهي أن تقوم الإدارة الضريبية برد كل المبالغ التي تم تحصيلها من الممول زيادة على مبلغ الضريبة أو زيادة على المبالغ التي تم تحصيلها لحساب الضريبة، ويجب عليها أن تقوم بهذا الرد من تلقاء نفسها أي حتى ولو لم يطالب ذلك الملزم[23] .

وهكذا تنص المادة 17 من مدونة الضرائب المغربية على إمكانية استرداد جميع أو بعض المبالغ الزائدة التي أدتها الشركات بمناسبة الفرض الضريبي على الشركات. ونفس الأمر بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة[24] والضريبة على الدخل وواجبات التسجيل.

على أن الواقع العملي والنصوص القانونية تفيد بأن الاسترداد لايتم تلقائيا من طرف الإدارة[25]، وإنما يتم بناء على طلب الملزم وهذه المطالبة قد تتقادم ويسقط حقه إذا لم يتقدم بها داخل أجل معين، هذا الأخير الذي قد يطول إلى حين انصرام السنة الرابعة التي تلي السنة التي تم فيها أداء المبالغ الزائدة[26] إذ أثبت أنها ضريبة إضافية أو مزدوجة أو في غير محلها أو نتيجة خطأ مادي ارتكبته الإدارة لكن هذه الأخيرة يمكنها أن تواجه الملزم بقاعدة المقاصة والتي تقضي بأنه في ما إذا طلب أحد الخاضعين إسقاط ضريبة أو تخفيض مبلغها أو إرجاعها، يجوز للإدارة أثناء بحث التظلم أن تقرر إجراء مقاصة بين مبالغ الإسقاط والإرجاع الذي ثبت أن للطالب الحق فيهما، وبين المبالغ التي لا زال مدينا بها بسبب أوجه النقص أو الإغفالات غير المنازع فيها الملاحظة في تحديد وعاء أو حساب نفس الضريبة المفروضة عليه وغير المتقادمة، وفي حالة اعتراض الملزم تباشر في حقه إجراءات الفحص الضريبي[27]

ثانيا: ضمان حق اللجوء إلى القضاء

وهو حق يتفرع عن الحق في الاعتراض[28]، ويعتبر من الحقوق التقليدية للإنسان قبل أن يكون ملزما بالضريبة فهو يعتبر أحد الضمانات التي يمكن أن يستفيد منها الملزم في حالة فشل آليات المنازعة الضريبية الأخرى وخاصة المنازعة الضريبية أمام اللجان المختصة والتحكيم، إذ لا يمكن للملزم الضريبي الذي ينازع في الضريبة أن يرفع دعوى أمام القضاء إلا بعد المرور بهذه المراحل، واستنفاذها[29].

ولعل أهمية هذه الضمانة يتجلى في ذلك الدور المهم الذي يطلع به القضاء في مجال حماية الملزم وتحقيق التوازن بينه وبين الإدارة الضريبية، والذي كرسته عبر مجموعة من الضمانات ومنها إمكانية تصحيح العيوب الشكلية للمقال الدعوى اللضريبية، حيث يعمل القاضي أثناء سريان الدعوى على إنذار الملزم المدعي بتصحيح مقاله إذا شابته عيوب شكلية سواء تعلقت بالصفة أو بأداء الرسوم القضائية أو بالتوجيه الصحيح للدعوى[30].

ومن جهة أخرى نص القضاء على ضرورة احترام إجراءات التبليغ تحت طائلة البطلان ، باعتبارها حسب المحاكم الإدارية من النظام العام يترتب عن عدم احترامها بطلانها وبطلان القرارات المتخذة على إثرها وقد اعتبر القضاء في العديد من قراراته أن التبليغ ضمانة للملزم ولا يمكن حرمانه منها وغيابها يؤدي إلى بطلان الضريبة مع إمكانية تصحيح العيوب الشكلية لمقال الدعوى الضريبية[31].

إذا كان حسب الفصل 399 من ق.ل.ع. أن إثبات الالتزام يقع على المدعي أي أن البينة على المدعي سواء كان المدعي أصليا في الدعوى أو مدعى عليه فإن السلطات الواسعة والامتيازات الكبيرة التي تتمتع بها الإدارة الجبائية تجعل منها الطرف القوي في العلاقة.

المطلب الثاني: الضمانات المخولة للملزمين أمام الإدارة الجبائية

لقد أعطى المشرع الجبائي عدة ضمانات قانونية للملزم في مواجهة الإدارة الضريبية خاصة عندما يثار نزاع جبائي بينهما، سواء أثناء تقديمه للتصريح أو في مسطرة الفرض التلقائي (الفقرة الأولى) أو أثناء إجراءات تصحيح الوعاء الضريبي (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: حماية الملزم أثناء عملية التصريح وفي مسطرة الفرض التلقائي

سنتناول خلال هذه الفقرة الضمانات القانونية المخولة للملزمين أثناء تقديم التصريح (أولا) على أن نتحدث عن الضمانات المكفولة للملزمين أثناء مسطرة الفرض التلقائي للضريبة (ثانيا)

أولا: الضمانات المخولة للملزمين أثناء تقديم التصريح

يعد التصريح أو الإقرار أفضل سبيل لملاحظة وجود المادة الضريبية وتقديرها ووسيلة من وسائل تطبيق المبدأ المنصوص عليه في المادة 14 من ميثاق حقوق الإنسان، للتعبير بكامل الحرية عن الرغبة في تقبل المساهمة في النفقات العمومية[32].

التصريح أو الإقرار يمكن تعريفه على أنه تلك الواقعة الأولية التي بواسطتها يقر الملزم بالمداخيل التي حققها خلال فترة معينة إلى الإدارة الضريبية أثناء المهلة المحددة لذلك وبشكل يتيح للإدارة الضريبية معرفة كل عناصر تقدير أساس الفرض الضريبي.

فالإقرار يرتكز في الأساس على صراحة الملزم وسلامة نيته وروح المواطنة لديه، فالملزم هو الذي يبلغ عن المادة الخاضعة للضريبة إضافة إلى أن التصريح يخفف العبء عن الإدارة الضريبية.

والتصريح يجب أن يكون مرفقا بجميع الوثائق الضرورية لإثبات المادة الضريبية أو التي تطالب بها إدارة الضرائب لاحقا، والتي تصبح حجة على الملزم فيما بعد.

إن إجراء التصريح يقيد عمل الإدارة، بحيث أن البيانات الواردة فيه تعد الأساس الوحيد في تقدير الضريبة، وإثبات عكسها يقع على عاتق الإدارة الضريبية لتقديم الحجة على ذلك.

وإنجاز التصريح من طرف الملزم داخل الآجل المحدد بطريقة قانونية لا يمنع تدخل الإدارة الضريبية لمراقبة صحة المعلومات الواردة فيه لكن في إطار عدة ضمانات مسطرية يمنحها القانون للملزم ويؤدي عدم احترام الإدارة لهذه الضمانات إلى سقوط نتائج المراقبة.

ورغم أن الإدارة تضع رهن إشارة الملزم مطبوعات جاهزة إلا أن تفشي الأمية في صفوف الملزمين، إضافة إلى الطبيعة التقنية للتصريح لا تجعل ملأه بطريقة سليمة في متناول الجميع، الشيء الذي ينعكس سلبا على الملزمين من جراء ملئهم لتصريح خاطئ مما يدفع الإدارة إلى سلوك مسطرة الفرض التلقائي، وهذا ما سنراه في النقطة الموالية.

ثانيا: الضمانات الممنوحة للملزمين في حالة الفرض التلقائي

عندما تفرض الضريبة على الملزم بكيفية تلقائية ، فهذا يشكل جزاءا له على عدم إدلائه باالإقرار في الوقت المحدد قانونا، لكن الشيء الجديد بعد الإصلاح الجديد هو أن الإدارة أصبحت تشعر الخاضع للضريبة (المبنية على نظام الإقرار) مرتين من أجل إيداع إقراره، وتمنحه في كل إشعار أجلا لذلك مدته 30 يوما، ولا تفرض عليه الضريبة في هذه الحالة إلا إذا لم يستجيب للإشعارين الموجهين إليه[33]، في حين كان من حق الإدارة قبل الإصلاح فرض الضريبة تلقائيا وبدون إشعار سابق.

ومما تجدر إليه الإشارة بخصوص هذه النقطة أن الإشعارين المذكورين يشكلان إجراء إلزاميا من جانب الإدارة، بحيث يترتب على عدم احترامه، تصريح المحكمة في إطار مراقبتها للشكليات والقواعد الإجرائية بالإبطال الأمر بالتحصيل وما تفرع عنه[34].

ويشكل الخلاف القائم بين الملزم وإدارة الضرائب حول التحديد التلقائي للضريبة، أغلب المنازعات المعروضة على القضاء، لأن الضريبة هنا تبنى على تقديرات لرقم معاملات الملزم ودخوله غالبا ما يصفها بالمغالاة ، وعدم الواقعية، وهذا شيء طبيعي لأن الإدارة في هذه الحالة تقوم بالتحديد التلقائي للضريبة، وبدون اشتراك الملزم في تحديد الأساس المعتمد احتسابها. هذا بخلاف ما سيأتي (الفقرة الثانية) عند الحديث عن مسطرة تصحيح الضريبة.

الفقرة الثانية: ضمانات الملزم من خلال إجراءات تصحيح الوعاء الضريبي

المقصود بمصطلح التصحيح إعادة النظر من لدن الإدارة في المبالغ المصرح بها من لدن الملزم لاحتساب المادة الضريبية.

فالمبدأ العام في الضرائب الثلاث الرئيسية[35]، وتبعا لقواعد وعائها فإن الملزم هو الذي يقوم بتحديدها تحت مراقبة إدارة الضرائب، وهنا لا يمكن أن تعمد إلى الفرض التلقائي للضريبة[36].

فقد منح المشرع عدة ضمانات للملزم من خلال مسطرة تصحيح الوعاء الضريبي سواء أثناء عملية فحص المحاسبة (أولا) أو أثناء اللجوء إلى المسطرة التواجهية (ثانيا)

أولا: فحص المحاسبة

من المعلوم أن كل حق يقابله التزام فالمشرع المغربي أعطى مجموعة من الحقوق والصلاحيات لإدارة الضرائب لتمكينها من مراقبة الأساس الضريبي وفي المقابل ألزمها باحترام مجموعة من الإجراءات تسعى من ورائها إلى توفير ضمانات للخاضع للضريبة وحماية حقوقه اتجاه الإدارة وهي ضمانات تخص عملية الفحص ذاتها وهكذا نص على ضرورة توجيه إشعار الخاضع للضريبة قصد إعلامه بجراء عملية الفحص، كما قيد مدة الفحص بأن جعلها لا تتعدى ستة أشهر وأن تتم بعين المكان.

وهذه الضمانات تعتبر أساسية بالنسبة للملزم لأنها تجعله مستعدا للفحص والدفاع عن حقوقه وإبداء أوجه دفاعه وحججه قبل أن يقدم المفتش المحقق على أية عملية تصحيح.

1-  إلزامية إشعار الملزم بالفحص الجبائي

إن المشرع المغربي قد أوجب على الإدارة الضريبية، عند إجراء مراقبة على حسابات الملزم، بأن لا تأخذه على حين غرة، وهكذا نجد أن المواد القانونية المنظمة لهذه العملية، تشير إلى ضرورة إخبار الملزم بتاريخ الشروع في المراقبة قبل 15 يوما على الأقل ويعتبر هذا الإجراء إلزاميا وإلا اعتبرت مسطرة التصحيح لاغية طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 212 من المدونة العامة للضرائب والتي تنص على أنه:

إذا قررت الإدارة القيام بفحص محاسبة تتعلق بضريبة أو رسم معين وجب تبليغ إشعار بذلك على الخاضع للضريبة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 قبل التاريخ المحدد للشروع في عملية الفحص بخمسة عشر يوما على الأقل[37]

وإن الهدف من هذه الأخبار هو تمكين الملزم من إعداد الوثائق اللازمة للمراقبة لوضعها رهن إشارة المفتش المراقب، وكذلك إعداد محل لاستقبال المفتش داخل المؤسسة إذا ما رغب الملزم في عدم نقل وثائقه المحاسبية خارج المؤسسة.

ويعتبر أجل 15 يوما كافيا لهذا الغرض ذلك أن بعض الدول لم يشر قانونها الجبائي إلى أي أجل من هذا النوع، كما هو الحال في فرنسا مثلا، حيث أن القضاء الفرنسي هو الذي قدر المدة التي يجب أن تفصل بين تاريخ تسليم رسالة الإخبار بعزم الإدارة على مراقبة الملزم، وتاريخ الشروع في المراقبة وجعلها ستة أيام كمدة معقولة لاستعداد الملزم، مع ضرورة إخباره بإمكانية الاستعانة بمحاسب مختص إذا رغب في ذلك[38]

ويعد هذا الآجال الذي أعطاه المشرع المغربي قاعدة أمرة يترتب عن مخالفتها بطلان إجراءات المراقبة برمتها، وهو من الأمور التي تمنح ضمانة مهمة لفائدة الملزم.

2-  مدة الفحص ومكانه

نصت المادة 212 من المدونة العامة للضرائب على أن مدة عملية الفحص يجب ألا تستغرق أكثر من ستة أشهر بالنسبة للمنشآت التي يعادل أو يقل مبلغ رقم معاملاتها المصرح به في حساب الحاصلات والتكاليف برسم السنوات المحاسبية الخاضعة للفحص عن خمسين مليون درهم، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة.

وأكثر من اثني عشر شهرا بالنسبة للمنشأة التي يفوق مبلغ رقم معاملاتها المصرح به خمسين مليون درهم، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة [39].

إن تحديد الفترة اللازمة لممارسة مسطرة التحقيق في ستة أشهر أضحى من الضمانات الأساسية لحماية الملزم من الإزعاج والتعسف[40] الذي يتعرض له من طرف الإدارة.

وبالنسبة لمكان الفحص فهاته العملية تسري في محل الإقامة الاعتيادية أو المقر الاجتماعي أو المؤسسة الرئيسية للخاضعين للضريبة من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين المعنيين، حيث توجد الوثائق المحاسبية وكل المعطيات القانونية والواقعية ذات الصلة بتحديد الوعاء الضريبي.

وذلك داخل أوقات العمل القانونية وخلال ساعات مزاولة النشاط المهني[41].

لكن هذا لا يمنع الاتفاق على إجراء المراقبة في مكان آخر كمكتب المحاسب إذا كانت المحاسبة ممسوكة من طرف محاسب حر، أو إجراء المراقبة في مكتب المفتش نفسه إذا رغب الملزم في ذلك، وفي هذه الحالة يكون هذا الأخير مرغما بنقل جميع السجلات والفواتير إلى مكتب المفتش مقابل إيصال قصد إرجاعها بعد إجراء المراقبة[42].

ثانيا: حماية الملزم في المسطرة التواجهية

لقد ألزم المشرع الضريبي الإدارة الضريبية إذا ما اعتزمت أن تقوم بتصحيح الأساس الضريبي، أن تتبع مسطرة دقيقة تواجهية يتجسد فيها ما يسمى بالتبليغ، أي بإبلاغ الملزم عن طريق المراسلة الكتابية.

وذلك بهدف حفظ حق الملزم في الإعلام حتى لاتأخذه الإدارة على حين غرة فتفرض عليه الضريبة دون أن يتمكن من إبداء رأيه في هذا الفرض أو دون أن يتوفر على مسالك تصحيح الإلزام الضريبي وفق مقدرته التكليفية الحقيقية[43].

فإذا ما لاحظ مفتش الضرائب عند اطلاعه على محاسبة الخاضع للضريبة ما يستوجب تصحيح أساسها وجب عليه أن يبلغ الملزم في رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أساس التصحيح المزمع القيام به وطبيعة وتفاصيل مبلغه وأن يدعوه إلى الإدلاء بملاحظته داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ[44].

فإذا لم يجب المرسل إليه هذا الأجل فإن الضريبة تفرض عليه، ولا يمكنه حينئذ المنازعة فيها إلا طبقا للمسطرة المعمول بها في فرض الضريبة بصورة تلقائية المبنية آنفا.

أما إذا تلقى المفتش ملاحظات الخاضع للضريبة داخل الأجل المذكور وتبين له أن جميعها أو بعضها  لا يستند إلى أي أساس صحيح فإنه يتعين على المفتش توجيه رسالة ثانية بنفس الطريقة الأولى إلى الملزم خلال أجل لا يتجاوز 60 يوما من تاريخ تسلم الجواب يبين له فيها أسباب الرفض الجزئي أو الكلي لملاحظته، وكذا الأساس المعتمد في فرض الضريبة، كما يبين له في هذه الرسالة أن الضرائب المعتمدة ستصير نهائية، إذا لم يطعن فيها أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة داخل أجل 30 يوما من تاريخ تسليم الرسالة[45]

وإذا لم يقم المفتش بتبليغ الملزم في الآجال التصحيحات المزمع القيام بها تصبح عديمة الأثر.

وهذا ما استقر عليه القضاء حيث اعتبر في حكم صادر عن المحكمة الإدارية أن عدم احترام مدير الضرائب المسطرة التواجهية قبل فرض الضريبة على الأرباح العقارية تلقائيا فيه إخلال بالضمانات المخولة للملزم مما يتعين معه إلغاء الأمر بتحصيلها... [46]

 

 

 

خاتمة:

ختاما يمكن القول على أن دراسة موضوع الملزم بالضريبة في التشريع المغربي، يخلص بنا إلى نتيجة مفادها أن المشرع حاول إضفاء نوع من التوازن بين حقوق والتزامات الملزم هذا التوازن  الذي حاول القضاء الإداري المحافظة عليه ودعمه عند تطبيق النصوص الضريبية كما نسجل أيضا اتجاه المشرع إلى إشراك الملزم في كل العمليات التي تمر منها الضريبة، لكن في غياب تواصل حقيقي بين الإدارة والملزم تبقي هذه المجهودات قاصرة عن تحقيق أهدافها، مما يؤثر على سلوكيات الملزم بالضريبة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

الكتب:

& عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مطبعة النشر المغربية الدار البيضاء.

& محمد شكيري، القانون الضريبي المغربي، دراسة تحليلية ونقدية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 49 الطبعة الأولى 2003

الرسائل والأطروحات

4 عبد الصادق الأنصاري أزمة التواصل بين الملزم الضريبي والإدارة الجبائية: محاولة نقدية لفهم وتطوير علاقة الملزم بالإدارة الجبائية في المغرب. أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء 2003-2004

4 أنس الشواطي، الضمانات القانونية المخولة للملزمين في منازعات الوعاء الضريبي، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، طنجة 2007-2008

4 محمد أوباسلام موقع مطلب العدالة في النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب. رسالة لنيل دبلوم الماستر، قانون المنازعات، جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2007-2008

المجلات والمقالات

1 مصطفى التراب، الضمانة القانونية للملزمين، المختصر في القانون والقضاء، مطبعة الأمنية الطبعة الأولى 2008

1 المجلة المغربية للمنازعات القانونية، مطبعة النجاح الجديدة عدد 5-6 سنة 2007.

1 محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة آية ضمانات، مجلة المعيار، العدد 33 

القوانين:

1 المدونة العامة للضرائب 2009

 

التصميم:

مقدمة:

المبحث الأول: التزامات الملزم الضريبي

المطلب الأول: الالتزامات الإدارية

الفقرة الأولى: التصريحات لحساب الملزم 

الفقرة الثانية: التصريح لحساب الغير

المطلب الثاني: الالتزامات التكميلية والمالية

الفقرة الأولى: الالتزامات التكميلية

الفقرة الثانية: الالتزامات المالية - الالتزام بدفع الضريبة -

المبحث الثاني: ضمانات الملزم الضريبي

المطلب الأول: الضمانات العامة للملزم الضريبي

الفقرة الأولى: الضمانات القانونية والدستورية

الفقرة الثانية: ضمان حق اللجوء إلى القضاء واسترداد ما فع بغير حق

المطلب الثاني: الضمانات المخولة للملزمين أمام الإدارة الجبائية

الفقرة الأولى: حماية الملزم أثناء عملية التصريح وفي مسطرة الفرض التلقائي

الفقرة الثانية: ضمانات الملزم من خلال إجراءات تصحيح الوعاء الضريبي

خاتمة:

من إعداد:                                                 

   رشيد البوني

   حفيظ  وباسو                         

        ماستر: قانون المنازعات مكناس 2009    

 



[1] - محمد قصري مسطرة الضريبة أية ضمانات مجلة المعيار العدد 33 بتصرف

[2] - مصطفى التراب، المختصر العملي في القضاء والقانون مطبعة الأمنية، الرباط الطبعة الأولى 2008 ص: 312

[3] - راجع المادة  23 والمادة 2 من المدونة العامة للضرائب

[4] - نصت المادة 148 من المدونة العامة للضرائب على أنه يجب على الخاضعين للضريبة سواء  كانت مفروضة عليهم الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل برسم الدخول المهنية أو كانوا معفيين أن يوجهوا تصريحا بالتأسيس ومن مطبوع نموذجي تعده الإدارة في رسالة مضمونة مع الإشعار بالتسليم أو يسلموا مقابل وصل إلى المصلحة المحلية للضرائب التابع لها مقرهم الاجتماعي أو مؤسستهم الرئيسية أو موطنهم الضريبي وذلك داخل آجل لا يزيد على ثلاثين يوما

[5] - محمد شكيري "القانون الضريبي المغربي دراسة تحليلية نقدية" سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 49 طبعة 2004 ص: 131

 

[6] - عبد الفتاح بلخال "الضرائب في المغرب " دار أبي رقراق للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2009. ص" 102

[7] - راجع المادة 151 من المدونة العامة للضرائب 2009

[8] - محمد شكري م.س ص: 159

[9] - محمد قزيبر، مدخل لدراسة المالية العامة طبع وتوزيع مكتبة سجلماسة السنة 2000 ص: 260

[10] - محمد شكري م.س ص: 165

[11] - حتى في حالة عدم تحقيق الشركة لأرباح أنظر الفقرة الثانية من المادة 170 من المدونة العامة للضرائب 2009.

[12] - راجع المادة 73 من المدونة العامة للضرائب

[13] - راجع المادة 157 من المدونة العامة للضرائب

[14] - محمد أوباسلام موقع مطلب العدالة في النظام القانوني للمنازعات الجبائية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الماستر، قانون المنازعات، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2007-2008 ص: 36

[15] - محمد أوباسلام م.س ص: 37

[16] - محمد أوباسلام ص: 37

[17] - محمد أوباسلام م.س. ص: 37

[18] - محمد أوباسلام م.س ص: 38

[19] - أنس الشواطي، الضمانات القانونية المخولة للملزمين في منازعات الوعاء الضريبي، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام، طنجة 2007-2008، ص: 120

 

[20] - عبد الصادق الأنصاري أزمة التواصل بين الملزم الضريبي والإدارة الجبائية، محاولة نقدية لفهم وتطوير علاقة الملزم بالإدارة الجبائية في المغرب، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء 2003-2004، ص: 269

[21] - مصطفى التراب، الضمانات القانونية للملزمين، المختصر في القانون والقضاء، مطبعة الأمنية ط 2008 ص: 327-328

[22] - عبد الصادق الأنصاري، م.س ص: 269.

[23] - محمد شكيري، م.س ص: 191

[24] - المادة 101 والمادة 102 والمادة 159 و 170 و174 من مدون الضرائب

[25] - محمد شكري، م.س ص: 191

[26] - المواد 240 و 241 من مدونة الضرائب

[27] - المرجع نفسه، ص: 191

[28] - محمد شكيري، م.س   ص: 82

[29] - أنس الشواطي، م.س ص: 82

[30] - عبد الصادق الأنصاري، م.س ص: 267.

[31] - عبد الصادق الأنصاري، م.س ص: 267.

[32] - أنس الشواطي، م.س ص: 14

[33] - وهذا وجه الضمانة القانونية الممنوحة للملزم في هذه الحالة

[34] - مصطفى التراب. م.س

[35] - الضريبة على الشركات، الضريبة على الدخل الضريبة على القيمة المضافة.

[36] - أنس الشواطئ م.س. ص: 19

[37] - أنظر المادة 212 من المدونة العامة للضرائب 2009

[38] - عبد الغني خالد، المسطرة في القانون الضريبي المغربي، مطبعة النشر المغربية الدار البيضاء، ص: 145

[39] - المدونة العامة للضرائب

[40] - عبد الغني خالد م.س ص: 149

[41] - مصعبد الغني خالد م.س ص: 147

[42] - نفس المرجع ص: 149

[43] أنس الشواطئ م.س ص: 26

[44] - محمد قصري، مسطرة فرض الضريبة آية ضمانات، مجلة المعيار، العدد  33 ص: 47

[45] - مصطفى التراب. م.س ص: 316

[46] - حكم عدد 293/2005 بتاريخ 20/02/2006 أنظر المجلة المغربية للمنازعات القانونية، مطبعة النجاح الجديدة عدد 5-6 سنة 2007 ص: 140

Partager cet article
Repost0

commentaires